صفرو
صفرو مدينة صغيرة تقع في سفح جبال الأطلس المتوسط على بعد ثمانية وعشرين كيلومترا جنوب شرق مدينة فاس، هي مدينة قديمة يشهد على عراقتها وأصالتها تراثها التاريخي والعمراني والثقافي الإسلامي. هي روضة من رياض المغرب الجميلة وحوض من أحواضه الفاتنة الخلابة، أخاذة بأسوارها العالية، وأحيائها العتيقة، وجنانها وأشجارها الكثيرة ذات الظلال الوارفة، وغاباتها الموحشة، ومغاراتها المأهولة، وعيونها المتدفقة، وشلالها المنهمر وواديها الجارف ومهرجانها العريق. جمالها أشبه بثمرة الكرز يستهوي كل زائريها ويخلب ألبابهم ويحبس أنفاسهم حتى يعبروا عن إعجابهم بها تماما كما يستعبد أهلها وسكانها الذين لا يتركونها إلا بعد أن يقطعوا عهدا على أنفسهم بالعودة إلى أحضانه.
بدأت تتشكل الملامح الأولى لهذه المدينة فيالنصف الثاني من القرن السابع الميلادي، حيث ظهرت النواة السكنية الأولى على سفحمرتفع قريب من الشلال، سميت فيما بعد بالقلعة.
ازدهرت بها الأنشطة الاقتصادية طيلة ما ينوف عن قرنين ونصف. لكنسرعان ما تأثر هذا الانتعاش التجاري بالصراع الدائر بين القبائل المتحاربة التي كانهمها هو مراقبة طرق القوافل بغية الاستفادة منها لتمويل مشاريعها التوسعية. ولمتنجُ مدينة صفرو من مخالب هذا الصراع، حيث زحف عليها يوسف بن تاشفين وحررها من قبضةمغراوة الذين احتموا بها بعد أن أحكم سيطرته على سلجماسة وفاس. وانتزعها الموحدونمن المرابطين سنة 1141 ميلادية، وذلك لمراقبة طريق القوافل الرابطة بين فاسوسلجماسة. وخلال فترة حكم الوطاسيين والسعديين، عانت المدينة من صعوبات جمة مرتبطةبوضعية البلاد العامة، حيث تراجعت تجارة القوافل بعد سيطرة بني معقل على سجلماسة. شلال صفرو هذه المدينة، التي عرفت باسم "أورشليم الصغيرة" عند اليهود وباسم "حديقةالمغرب" عند الفرنسيين وباسم "مدينة حب الملوك" عند سكانها، معروفة بروعة طبيعتها،إذ تتوفر فيها كل شروط المدينة المعاصرة، لكن دون أن تهمل الجانب البيئي. فمجاريهاالمائية كثيرة، وفي مقدمتها واد "أغاي"، المعروف بشلاله المنهمر في أعلاه. هذاالنهر، الذي تحف به أشجار باسقة وحدائق ظليلة، يقسم المدينة إلى جزءين متماثلينتقريبا، تصلهما جسور كثيرة شبيهة بجسور نهر "ثايمز" بمدينة الضباب
تشتهرمدينة صفرو بمهرجان حب الملوك، الذي ينظم خلال نهاية ثاني أسابيع شهر يونيو من كل سنة. سُنَّ هذا التقليد في هذه المدينة منذ عام 1919 احتفاء بنهاية موسم جني الكرز، وقد بلغ المهرجان دورته السابعة والثمانين خلال هذه السنة. هذه الدورة فتحت يوم 8.9.10 من شهر يونيو يوم الجمعة وانتهت يوم الأحد مدتها لا تتعدى ثلاث أيام . تتخلل هذا المهرجان احتفالات راقصة وموسيقية بثمرة الكرز، واستعراض موكب ملكة حب الملوك، التي يتم انتقاؤها من بين أجمل الفتيات المرشحات من أنحاء مدينة فاس فقط , لنيل هذا التتويج وتبقى ملكة الجمال محتفظة بتاجها إلى الموسم المقبل حيث تقدمه لملكة أخرى . هذا الاستعراض يرافقه أيضا استعراض التراث الثقافي والشعبي العربي والأمازيغي المحلي. وموازاة مع ذلك، تنظم أنشطة رياضية ومسابقات ثقافية وسهرات فنية في بعض ساحات المدينة كساحة باب المقام.