شهدت مدينة الرباط عاصمة المملكة المغربية، تعاقب العديد من المراحل التاريخية عبر العصور، إذ يشير المؤرخون إلى ان الرباط
كانت مدينة آهلة بالسكان منذ فجر التاريخ، وعرفت مرور الفينيقيين والقرطاجيين والرومان. وحول تأسيس الرباط يذكر المؤرخ المغربي عبدالله السوسي ان الخليفة يعقوب المنصور الموحدي هو الذي بنى المدينة خلال فترة حكم المسلمين لبلاد الأندلس بعد عودته من معركة “الارك” ضد الفونس الثامن في عام 593 ه (1197م) وحالياً تحتفظ الرباط بالعديد من أسوارها وأبوابها التاريخية التي تخلد العصر الاسلامي.
وتشير المصادر التاريخية الى ان الخليفة يعقوب المنصور استوحى فكرة تصميم مدينة الرباط من مدينة الاسكندرية المصرية، واختار ان تمتد رقعة المدينة نحو الجنوب الشرقي حتى تلتقي بمدينة سلا عبر قنطرة معلقة فوق نهر أبي رقراق. وفي الوقت الحاضر فإن الزائر للرباط يلحظ بوضوح ان العديد من معالمها الأثرية لا تزال باقية شاهدة على تاريخها المشرق حيث يمتد السور الموحدي بالمدينة والذي بناه يعقوب المنصور على طول 5263 متراً غربي وجنوبي المدينة ويبلغ سمكه المترين ونصف المتر ويصل علوه الى عشرة أمتار ويوجد فوق السور ممر للحراسة يدعمه حاجز قوي فيه ثغرات للمراقبة في بعض المواضع ويشتمل هذا السور على ما يقارب 74 برجاً فيها سبعة تمتد في برج “الصراط” الى باب “العلو” وتسعة الى باب “الحد” وأربعة وعشرون الى الجهة المطلة على نهر أبي رقراق.
وتبلغ المساحة الداخلية المحاطة بالأسوار الموحدية 418 هكتاراً ينفذ الداخل إليها من خمسة أبواب وهي من جهة الغرب.. باب العلو وباب الأحد، باب الرواح، وباب القيادة المحازي للقصر الملكي ومن جهة الجنوب باب زعير، وما زال السور الموحدي متيناً قوي الدعائم رغم مرور ثمانية قرون على تأسيسه حيث كان قد تم بناؤه خلال العقد الأخير من القرن السادس الهجري.
[صورة مرفقة: d7e96bef27.gif]
وأبواب السور الموحدي هي:
باب العلو: الذي يبعد عن المحيط الأطلسي 544 متراً ويشكل هيكلاً ضخماً طوله 19،2 متر وعلوه 10،85 متر، تعلوه أبراج نقشت على أحجاره كتابات مع صور سيف وخناجر وصورة قوس يحمل سهماً نحو الأعلى.
باب الأحد
(او باب الحد) لا يختلف كثيراً عن باب العلو ويقع على بعد 505 أمتار منه وتجدد بناؤه عام 1229 في عهد السلطان المولى سليمان.
باب الرواح
يقع على مسافة 1021 متراً عن باب الحد من ناحية الجنوب وهو أضخم وأعظم أبواب السور الموحدي وأكثرها تنميقاً وأروعها جمالاً، ارتفاعه 12 متراً وعرضه 28 متراً، خضع لبعض الاصلاحات والتوسعات من أجل مواكبة النمو العمراني وبسبب الازدحام الذي تعرفه مدينة الرباط وحتى تسهل عمليات حركة السيارات.
باب القيادة: (داخل القصر الملكي) ويقع على بعد 884 متراً من باب الرواح ويبلغ 21 متراً عرضاً و22 عمقاً.
باب زعير: يقع على الطريق المؤدية الى اقليم زعير، يبلغ طوله 12،59 متر وعمقه 18،24 متر ويشبه في تخطيطه باب العلو.
[صورة مرفقة: d7e96bef27.gif]
أما أبواب السور الأندلسي فهي:
الباب الجديد: او "باب التبن" تقوس في ثاني محرم 1205ه، اختفت معالمه بالهدم مع دار البارود عند قيام المصالح البلدية بتوسيع السوق المركزي الحالي.
باب البويبة: المؤدي الى جامع مولاي سليمان.
باب شالة:
المؤدي الى الجامع الكبير ومجموعة مدارس محمد الخامس شيده المولى سليمان في عام 1228ه.
باب التلغراف المؤدي الى الملاح: حي قديم كان يسكنه اليهود بالمدينة القديمة، وشارع القناصيل فتح في أوائل عهد الاحتلال وسمي بذلك لمجاورته لمركز اللاسلكي قبل افتتاح بناية البريد.
باب الملاح الجديد: قرب برج سيدي مخلوف حيث يوجد داخل السور سوق للخضر والفواكه والمعروف بالسويقة.
ما السور العلوي فقد فتحت فيه أربعة أبواب، باب "القبيبات" من جهة البحر وما زال قائماً وباب "تامسنا" او باب "تمارة" في طريق تمارة تميزت بعض ملامحه بفضل التطور المعماري، باب "مراكش" وما زال قائماً الى الآن خلف حديقة التجارب، وباب "المصلى" سمي كذلك لقربه من المصلى الحالي.
ومن الأبواب المحدثة هناك أيضاً "باب البحر" من ناحية مدينة سلا المقابلة للرباط على الضفة الأخرى لنهر أبي رقراق وهو الباب الذي تقوس سنة 1204ه و"باب تقويسة الراعي" الذي يحمل كتابات يعود تاريخها الى عهد السلطان سيدي محمد بن عبدالله، لم يبق لها أثر، وباب آخر يعرف بتقويسة الطرافة "الاسكافيين" جدد في عهد السلطان عبدالعزيز 1315ه ويؤدي الى شارع الجزاء وقد هدم بعد الاستقلال لتسهيل حركة المرور. [color=red][مدخل الى حيث يوجد ضريح محمد الخامس وصومعة حسان وطبعا مسجد حسان/color]
صومعة حسان: تعد واحدة من بين المباني التاريخية المتميزة بمدينة الرباط التي تقع عليها عين الزائر، شيد من طرف السلطان يعقوب المنصور الموحدي، كان يعتبر من أكبر المساجد في عهده. لكن هذا المشروع الطموح توقف بعد وفاته سنة 1199، كما تعرض للاندثار بسبب الزلزال الذي ضربه سنة 1755م. وتشهد آثاره على مدى ضخامة البناية الأصلية للمسجد، حيث يصل طوله 180 مترا وعرضه 140 مترا، كما تشهد الصومعة التي تعد إحدى الشقيقات الثلاث لصومعة الكتبية بمراكش ، والخيرالدا بإشبيلية على وجود المسجد وضخامته. هي مربعة الشكل تقف شامخة حيث يصل علوها 44 مترا، ولها مطلع داخلي ملتو، يؤدي إلى أعلى الصومعة ويمر على ست غرف تشكل طبقات. وقد زينت واجهاتها الأربع بزخارف ونقوش مختلفة على الحجر المنحوت وذلك على النمط الأندلسي المغربي من القرن الثاني عشر.
قصبة الاوداية
كانت الأوداية في الأصل قلعة محصنة، تم تشييدها من طرف المرابطين لمحاربة قبائل برغواطية، ازدادت أهميتها في عهد الموحدين، الذين جعلوا منها رباطا على مصب وادي أبي رقراق، وأطلقوا عليها إسم المهدية. بعد الموحدين أصبحت مهملة إلى أن استوطنها الموريسكيون الذين جاءوا من الأندلس، فأعادوا إليها الحياة بتدعيمها بأسوار محصنة.
وفي عهد العلويين عرفت قصبة الأوداية عدة تغييرات وإصلاحات ما بين ســــــــنة (1757-1789)، وكذلك ما بين سنة (1790 و 1792). وقد عرف هذا الموقع تاريخا متنوعا ومتميزا، يتجلى خصوصا في المباني التي تتكون منها قصبة الأوداية. فسورها الموحدي وبابها الأثري (الباب الكبير) يعتبران من رموز الفن المعماري الموحدي. بالإضافة إلى مسجدها المعروف بالجامع العتيق، أما المنشآت العلوية فتتجلى في الأسوار الرشيدية، والقصر الأميري الذي يقع غربا وكذلك منشئتها العسكرية برج صقالة.
الرباط.. او مدينة التاريخ ما زالت وفية لآثار القدماء بهذه الأبواب العديدة التي تدخلنا التاريخ المكتوب عبر عبقرية المكان.
احترامي وتقديري