بسم الله الرحمن الرحيم
[/u]
والصلاة والسلام على رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم
معجزة معمارية، أطول مئذنة في العالم، وثاني أكبر مسجد فيه بعد جامع الملك فيصل في إسلام أباد
يبدو أن المغاربةَ مسكونون منذ القِدَم بهاجس إنجاز أكبر مسجد في العالم، أو أطول منارة، أو أجمل صومعة تلفت أنظار الآخرين، وتجذبهم إلى على حافة البحر الأبيض المتوسط من جهة، والمحيط الأطلسي
من جهة ثانية. ففي عهد الموحدين، وتحديداً في فترة حكم السلطان يعقوب المنصور " 1184- 1199 " والذي جعل من الرباط عاصمة له، بُنيت صومعة حسّان في الرباط، وشيّد جامع الكتبية في مراكش، والخيرالدا في أشبيلية.
وفكرة الصومعة تتجسد في تشييد منارة لأكبر مسجد في العالم. وقد بُدء العمل في هذه الصومعة عام 1195، غير السلطان يعقوب المنصور توفي بعد أربع سنوات، فتوقف العمل في هذه المسجد، وقد بلغ إرتفاع الصومعة " 140 " قدماً " 44 " مترا، وهو في حقيقة الأمر نصف الارتفاع الذي كان مقرراً له وهو 260 قدماً أي " 86 " متراً، ولم يكتمل من المسجد سوى بضعة جدران، ومائتي عمود. وأن ما يميز هذه الصومعة أنها لا تحتوي على مراقي، وإنما على سطح منحدر يعتليه المؤذن ليؤذن بالناس.
وقد أستخدمت الطريقة نفسها في بناء صومعة الخيرالدا في أشبيلية، لكن الاسبانيين غيروا جامورها، وأضافوا إلى قمتها جرساً كاتدرائياً، غير أن الشكل العام للصومعة ظل قريباً من منارة جامع الكتبية في مراكش.
إن صومعة حسان، إضافة إلى ضريح محمد الخامس يعدان من المعالم السياحية المهمة في مدينة الرباط على وجه التحديد.
وطئت الأراضي المغربية جيوش أجنبية غازية كثيرة كالرومان والوندال والبيزنطينيون قبل أن تأتي موجات الجيوش العربية الإسلامية الفاتحة سنة 681م، غير أن المغرب لم تتشكل كدولة إلا سنة 788م عندما بدأ عهد الأدارسة، وتحديداً عندما نصَّب مولاي إدريس الأول ملكا على البلاد في مدينة وليلي، ثم تلاهم المرابطون والموحدون والمرينيون والسعديون، ثم يُختتم المطاف بوصول السلالة العلوية الشريفة عام 1664م، ومن بين أبرز قادتها مؤسس مدينة مكناس، والملك محمد الخامس والملك الحسن الثاني، وأخيراً الملك محمد السادس الذي تربّع على عرش أسلافه المنعمّين "
بحسب التوصيف المغاربي " عام 1999، وما يزال حتى يومنا هذا. إن ما يهمنا في هذه المقدمة التاريخية الخاطفة هو الإشارة إلى الملك المغربي الحسن الثاني الذي قرر في أواسط الثمانينات من القرن الماضي الشروع ببناء ثاني أكبر مسجد في العالم بمنارة تُعد الأعلى ارتفاعاً في العالم " 210م ". وقد توقف في كلمته التاريخية مطلع عام 1986 عند الأسباب التي دفعته لتشييد هذا الصرح الإسلامي العظيم قائلاً:
" أريد أن يشيد على حافة البحر صرح عظيم لعبادة الله، مسجد تهدي مئذنته جميع السفن القادمة من الغرب إلى طريق الخلاص، الذي هو طريق الله ... أريد أن أبني المسجد على الماء، كما أردت أن يكون المصلي فيه والداعي والذاكر والشاكر والراكع والساجد محمولا على الأرض، ولكنه أينما نظر يجد سماء ربه وبحر ربه.".