محاكمة اطار

محاكمة اطار
يفتح الستار على شبه خشبة كركوزة، يظهر منها كركوز حاني الرأس، وتصاحب المشهد موسيقى حزينة، بعدها تصمت الموسيقىويعم الهدوء.
يرفع الكركوز رأسه قائلا: لاشك انكم تتساءلون، السؤال واضح في اعينكم، تتساءلون عمن اكون؟؟ اليس كذلك؟؟ ولماذا انا ها هنا؟؟ وما علاقتي بدورتكم التكوينية.... من حقكم ان تتساءلون فقد تساءلت قبلكم، لكن صدقوني اذا قلت لكم ان السؤال لن يفيدكم، لأن الجواب عنه لن بفيدكم، لانه قد يؤلمكم ويحزنكم وينغص عليكم فرحتكم، ولكن احيانا احيانا لايكون للمرء مفر من الحقيقة مهما كانت مرة.

الاطار: "يكشف الاطار عن نفسه للجمهور ويصيح"
بكل اختصار، انا اطار نعم انا اطار، اولستم مجموعة اطر او مشاريع اطر "يسكت قليلا ثم يستمر" ليست لكم الشجاعة لتردوا على سؤالي، لأن الجواب يخيفكم...يرعبكم
صعيب تكون مؤطر تربوي فهاد الزمان، ولكن اللي صعب منو انك متكونش... معبوم صعيب تكون مؤطر تربوي فهاد الزمان... تربية النشئ تربية سليمة، فالوقت اللي كلشي فهاد الزمان غير سليم، بيوتنا غير سليمة، شارعنا غير سليم، اعلامنا، مدارسنا، افكارنا،... كل شيء الاخلاق، الادب، الحياء، الوقار، الاحترام، مصطلحات غريبة عن هذا العصر...

وراء الستار "تبدأ موسيقى الرعب، اصوات اقدام تقترب" الاطار يتمايل في الخشبة ويصيح باعلى صوته.

الاطار: هاهم الان قادمون، قادمون، قادمون، وستعلمون كل شيء، وستعرفون من اكون؟ وماذا افعل هنا؟ وكل شيء.
يدخل القاضيان بلباس القضاء
القاضي1: مالك مصدعنا؟
القاضي2: صراخك يسمع من اخر ممر بالمحكمة؟؟
القاضي1: ياك ديما تنقول ليك متغوتش
القاضية2: فالبرلمان ولاّ؟؟
الاطار: لا يا سيدي كل ما في الامر...
القاضي1: "يقاطعه" اسكت
القاضي2: لابأس لنبدأ المحاكمة
الاطار: محاكمة... لكن انا بغيت غير نعرف علاش غاتحاكموني؟
القاضي1: مسكين معرفتيش علاش غنحاكموك" بصوت مرتفع" هي حنا دابا ظالمينك ياك.. منزلين عليك الباطل
وجايبينك للمحاكمة بلا سبة .
الاطار: لا حاشة...حاشة يا سيدي
القاضي2: اسكت
الاطار: حاضر سيدي " يعود الى مكانه"
القاضي2: محكمة
القاضي1: ايها السادة
القاضي2: ايتها السيدات
القاضي1: نلتقي اليوم
القاضبان1،2: لمحاكمة هذا الرجل
القاضي2: جلستنا اليوم جلسة غير عادية
القاضي1: لان المتهم، متهم غير عادي
القاضي2: لان التهم كذلك غير عادية، قضيت عمرا طويلا في هاته المهنة ولم يسبق لي ان اطلعت على ملف مماثل لهذا
القاضي1: التهمة الاولى
القاضي2: " ياخذ ورقة من الملف، يدور وسط الخشبة يقترب من الاطار"
تهمة خطيرة قد تؤدي بحياتك... تلويث افكار الصغار
الاطار: انــــــــا "بكل تعجب"
القاضي1: نعم أنــت، هل تنكر انك تحدث الصغار باشياء اكبر من سنهم؟ فلسطين، البوسنة، اليهود، صلاح الدين..
الاطار: ولكن هذه القضايا تهم كل المسلمين، ولا يجوز لنا اخفاءها عن صغارنا. بربك اخبرني كيف يكون حال امتنا حين
يكبر صغارنا بعيدا عن قضاياها؟؟
القاضي1: باراكا الحمار
القاضي2: حمار..اطار مصادفة غريبة، اخبرني ما العلاقة بين الاطار والحمار؟؟
الاطار: سامحك الله يا سيدي
الاطار1: اجب عن السؤال، انت هنا فقط للاجابة مفهوم.
الاطار: ربما كلاهما يمارس عملا شاقا: وكلاهما يحمل عبئا ثقيلا
القاضي2: ما الفرق اذا
الاطار: الفرق في كون ثقل الحمار مادي، وثقل الاطار معنوي، ثقله من حجم مسؤوليته "يعود الى مكانه"
القاضي1: محكمة
القاضي2: التهمة الثانية، "يضحكان بهستيريا" غريبة هذه التهمة... اثارة الفوضى، وعدم المحافظة على نظام البيت،
مفاذها هذه التهمة ايها السادة ان المتهم يخلق عدة مشاكل لأهله داخل البيت
القاضي1: اوووو... واش اعباد الله السيد البيت اللي دخل ليه يرونو.. هالمقوصة، هالجورنالات، ها الملفات..
القاضي2: هل تنكر انك كدت تتسبب في وفاة اختك الصغرى
القاضي1: ايه اللي اكلت البينيز وقالك كان تيهيأ المجلة الحائطية، ومني سالا نسى البينيز فوق الطابلة وكان اللي كان
القاضي2: هل تذكر هذا؟؟
الاطار: لا يا سيدي، ولكن الذنب ماشي ديالي بوحدي، انا معذور الى ملقيتش فين نخدم ودور الشباب ديالنا على قد
الحال، وزيادة على ذلك الوقت ماكاينش.
القاضي2: "يضرب على الطاولة" محكمة
القاضي1: التهمة الثالثة...عدم الكفاءة المهنية
القاضي2: مكتعرفش باللي القانون معمول لحماية الاطفال، وان مهمة التربية مهمة حساسة.
الاقضي1: لذلك ماشي من حقك تمارس هاد المهمة بدون كفاءة
الاطار: ولكن انا كنحاول ما امكن باش نكون في مستوى المهمة
القاضي2: المحاولة ما كافياش
الاطار: واسعى بكل الوسائل الماحة لتحقيق هاد الهدف، وهاد الدورة خير دليل.
القاضي1: هاد الدورة، قاليك دورة، حتى هادي نسميها دورة تكوينية ماحشمتيش
الاطار: وعلاش لا، فعلا هناك بعض الهفوات ولكن وراءها بعض الاسباب الموضوعية... اوزايدون هاد الاطر المشاركة عاجبها الحال، ربما عندهم بعض الملاحظات ولكن على العموم عاجبهم الحال
القاضي1: كتصبغهم دابا ...ياكما خايف من التقييم؟؟
القاضي2: يضرب القاضي على الطاولة ويعود كل الى المكانه"
يتداول القاضيان بصوت منخفض والمتهم جالس في مكانه
القاضي1: محكمة
القاضي2: حكمت المحكمة حضوريا على المتهم بما يلي:
القاضي1: اولا بالسجن مدى الحياة داخل دور الشباب والمحيمات والمؤسسات الطفولية
القاضي2: ثانيا بالاعمال اليدوية والمعامل التربوية
القاضي1: لا يحق للمتهم ممارسة أي عمل من شأنه تحويل اهتماماته عن العمل التربوي او يشغله عنه.

نشيد
في هاد العالم عندي حبيبة *** هي الجمعية احببتها
في هاد العالم عندي حبيبة *** هي الرسالة احببتها
يعلو صداها في كل مكان *** يعلو صداها في كل زمان
عش للرسالة دوما والحرية

انتهت


ابداع الاخ محمد العدوني
تمارة
سنة 1997